إعلان

"موائد الرحمن" تتراجع والتبرعات تتقلّص... مصريون يبتكرون بدائل لتعزيز التكافل الاجتماعي

المصدر: النهار العربي
القاهرة - ياسر خليل
وجبات طعام مجهزة تقدمها إحدى المبادرات
وجبات طعام مجهزة تقدمها إحدى المبادرات
A+ A-

تراجعت أعداد "موائد الرحمن" في مصر إلى حد كبير في شهر رمضان الحالي. وتجلى ذلك بعد إعلان السلطات المصرية السماح بعودتها، بشرط الحصول على تصريح رسمي، والالتزام بالإجراءات المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا.

 

 وتسبب تراجع أعداد تلك الموائد في حرمان الكثير من الفقراء وعابري السبيل من فرصة الحصول على وجبات طعام مجانية طازجة، يقدمها فاعلو الخير لهم مع غروب الشمس، في وقت إفطار الصائمين.

 

وكانت السلطات المصرية قد منعت إقامة تلك الموائد التي كانت تنتشر في الكثير من الشوارع، طوال شهر رمضان، بعد تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا في مصر عام 2020. ومع هذا المنع، حاول فاعلو الخير إيجاد طرق بديلة لتقديم الطعام للمحتاجين، ومنها تقديم وجبات جاهزة، أو مواد غذائية يمكن تجهيزها بالمنزل.

 

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة الفقراء بمصر بلغت 29.7 في المئة من السكان البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة، وذلك خلال الفترة ما بين عامي 2019-2020.

 

وفي شهر آذار (مارس) الماضي، انخفضت قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار الأميركي بنحو 16 في المئة، ما ساهم في ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، في بلد يستورد معظم احتياجاته الأساسية.

 

وتحاول الحكومة المصرية تخفيف العبء عن كواهل مواطنيها، من خلال تقديم إعانات مالية للفئات الأكثر عوزاً، كما تتيح سلعاً بعدد من المنافذ التجارية والسيارات المتنقلة بأسعار تقل عن السوق بنسب تصل إلى 30 في المئة.

 

لكن رغم تلك المحاولات الحكومية، يبقى دور المجتمع في التكاتف ومساعدة بعضه بعضاً عاملاً مهماً للتخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية المتعثرة، بخاصة بعد اندلاع الحرب على أوكرانيا وما تركته من آثار سلبية على الاقتصاد المصري، وسعر العملة المحلية في مواجهة الدولار.

 
إحدى سيارات "الخدمة الوطنية" تقدم سلعاً مخفوضة الأسعار (أرشيفية).

 

تراجع المساعدات

من بين الجهات المجتمعية التي تساهم في تقديم وجبات لإطعام الفقراء مؤسسة مستشفى 25 يناير التي أطلقت "مبادرة شنطة الخير" في عام 2018، وكانت تقدم من خلالها وجبات جاهزة وموادّ غذائية أساسية للمحتاجين في إحدى القرى المصرية، ثم بدأت تقديم حقائب بها مواد غذائية في الآونة الأخيرة.

 

ويقول المدير العام للمؤسسة أحمد جمال لـ"النهار العربي": "بدأنا الحملة قبل شهر رمضان الحالي، وكنا نسعى إلى تقديم 1600 شنطة طعام على مدار الشهر، ولاحظنا أن المبالغ التي جمعناها من فاعلي الخير تأثرت بشكل واضح مقارنة بالأعوام الماضية، وحتى الآن جمعنا ما يكفي لتجهيز 381 شنطة فقط".

 

ويوضح جمال: "في العام الماضي كنا نخطط لتقديم 1000 شنطة بجانب الوجبات المجهزة التي اعتدنا على تقديمها خلال شهر رمضان، وكان جمع التبرعات يسير على نحو جيد، لكن العام الجاري، وجدنا صعوبة حتى الآن في جمع التبرعات المستهدفة".

 

شنط غذائية أعدتها إحدى المبادرات المجتمعية لتوزيعها على مستحقيها
 

تأثر واضح

من جانبها، تقول الكاتبة الصحافية رباب سعفان المتخصصة في الشؤون الاجتماعية لـ"النهار العربي": "هناك تراجع ملموس في الدعم الذي يقدمه فاعلو الخير للفقراء في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، وتأثر العديد من القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها السياحة، نتيجة حرب أوكرانيا".

 

وتضيف سعفان: "لقد تزايد عدد من يحتاجون إلى دعم بسبب تراجع القوة الشرائية لرواتبهم، وانتقل البعض من مستوى معيشي لمستوى أدنى، وفي الوقت ذاته تراجع بعض فاعلي الخير عن تقديم التبرعات والدعم نظراً لارتفاع التكاليف وتأثر عوائدهم المالية".

 

وتروي الكاتبة الصحافية أن "إحدى السيدات التي تساهم في توصيل المواد الغذائية والمساعدات للمحتاجين، تلقت اتصالاً هاتفياً من أحد المتبرعين قبل نحو شهرين، وقال لها إنه يريد أن يجهز عدداً من شنط المواد الغذائية لتوزيعها على من هم بحاجة إليها في شهر رمضان".

 

وتشير سعفان إلى أن "المتبرع لم يتصل مرة أخرى بالسيدة، وهي بدورها شعرت بالحرج بأن تتصل به لأنها تخشى أن تتسبب في إحراجه، وتحميله أعباء مالية تفوق قدرته المالية الحالية".

 

 

وجبات الخير

 سيدة أخرى تكاتفت مع أسرتها وفكروا في تشجيع فاعلي الخير من خلال توفير وجبات مخفوضة التكلفة، يتم إعدادها بمطبخهم المنزلي، تراوح أسعارها بين 27 و40 جنيهاً، أي ما بين 1.5 و2 دولارين أميركيين، وتتضمن تلك الوجبات قطعاً من اللحوم، والرز، ومخللاً أو سلطة.

 

وتقول أمنية سامح التي تروج لتلك الوجبات الخيرية من خلال صفحة على موقع "فايسبوك" أطلقت عليها اسم "Nuda's kitchen": "هذا المشروع يعتمد على إعداد الوجبات في مطبخنا، وأعمل مع أبي وأمي في هذه المبادرة، ونحن لا نهدف للربح، كل ما نسعى إليه هو تسهيل توفير الطعام المنخفض التكاليف لمن يرغبون في فعل الخير".

 

وتضيف في حديثها لـ"النهار العربي": "لقد بدأنا مشروعنا قبل أشهر قليلة، ونحن نقدم تلك الوجبات طوال العام، وليس في شهر رمضان فحسب، وهناك إقبال جيد من فاعلي الخير لشراء الوجبات وتقديمها للفقراء".

 

وتشير السيدة الشابة إلى أن "بعض فاعلي الخير يطلبون منا أن نقوم نحن بتوزيع تلك الوجبات للمستحقين، والبعض الآخر يتسلمها منا، ثم يقوم بتوزيعها بنفسه".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار العربي الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم