واشنطن ألغت غارة لاغتيال بن لادن لأن أحدهم كان يستضيفه في حقل مخصص لها

صيد الحبارى عند أثرياء الخليج بين الرومانسية والجنس ... والسياسة

u0635u064au0627u062fu0648u0646 u0648u0623u0645u0627u0645u0647u0645 u062du0635u064au0644u0629 u0635u064au062fu0647u0645 u0645u0646 u0637u064au0648u0631 u0627u0644u062du0628u0627u0631u0649 u0641u064a u0628u0644u0648u0634u0633u062au0627u0646
صيادون وأمامهم حصيلة صيدهم من طيور الحبارى في بلوشستان
تصغير
تكبير
على مدى عقود من الزمن، دأبت بعثات صيد خليجية على السفر إلى أقاصي باكستان بحثاً عن طائر الحبارى، وهو طائر مهاجر يعتقد الصيادون أن لحمه يحتوي على قدرات مقوية للطاقة الجنسية.

ولا يبخل الصيادون بأي تكاليف على رحلات الصيد الشتوية الباذخة هذه. فطائرات الشحن تقوم بنقل الخيام وسيارات الجيب الفخمة إلى مطارات صحراوية مقامة خصيصاً لاستقبالها، ثم تعقبها طائرت خاصة تحمل على متنها أثرياء خليجيين، مصطحبين معهم مستلزماتهم الثمينة، بما في ذلك صقور الصيد غالية الثمن، والتي يتم استخدامها لقنص طيور الحبارى المشوبة بالبياض.


لكن موسم الصيد لهذا العام اصطدم بعقبة.

تلك العقبة بدأت في شهر نوفمبر، وذلك عندما قررت المحكمة العليا في إقليم بلوشستان، إلغاء جميع تصاريح الصيد الممنوحة للأجانب، استجابة لشكاوى من جانب خبراء في مجال حماية البيئة. وإقليم بلوشستان هو منطقة شاسعة ومضطربة وتعتبر مقصداً مفضلاً لصيد طيور الحبارى.

ويقول اولئك الخبراء إن موطن طيور الحبارى، وربما بقاء نوعها على المدى الطويل والذي يعتبر مهدداً بالانقراض فعلياً، قد بات مهدداً بسبب وتيرة الصيد الشرسة.

وتحول ذلك القرار القضائي إلى أزمة سياسية

صغرى الأسبوع الماضي، وذلك عندما هبط ثري خليجي مع حاشيته في بلوشستان، وهو الأمر الذي اجتذب اهتماماً إعلامياً منتقداً ومثيراً لمعركة قضائية، من المقرر لها أن تصل إلى المحكمة العليا في الدولة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وتزايدت حدة الغضب بين نشطاء وخبراء حماية البيئة، بسبب حقيقة أن الثري قام هو وحاشيته بقتل 2100 طائر حبارى، على مدى 21 يوماً خلال رحلة صيد في العام الماضي، وفقاً لتقرير رسمي جرى تسريبه إلى وسائل إعلام باكستانية، وهو العدد الذي يزيد على 20 ضعف النصاب المخصص له.

ومع ذلك، فإن الثري لم يواجه أي انتقاد لدى هبوط طائرته في دالباندين، وهي بلدة قريبة من الحدود الأفغانية، الأربعاء الماضي، بل قوبل بترحاب من جانب وفد كان على رأسه وزير في الحكومة وضم مسؤولين اقليميين رفيعي المستوى.

ويقول منتقدون أن طريقة استقبال ذلك الثري، كانت بمثابة شهادة على مدى التأثير المدفوع بالمال الذي يتمتع به النفوذ الخليجي في باكستان، وعلى دور الضحية الذي يتعين على طيور الحبارى المسكينة أن تدفعه في سبيل تعزيز تلك العلاقة.

وقال برويز هودبهوي، وهو أستاذ فيزياء: «الواقع أن هذا إقرار واضح بالخنوع للعرب الأثرياء. إنهم (العرب) يأتون إلى هنا ويصطادون دون رادع، بل ويتم منحهم حماية أمنية رغم حقيقة أنهم ينتهكون القوانين المحلية».

وسلط هذا الخلاف الاهتمام على ممارسة كانت قد بدأت في السبعينات، وذلك عندما تسبب الصيد المكثف في منطقة الخليج العربي في انقراض طيور الحبارى هناك تقريباً، وهو الأمر الذي برزت معه عادة اعتبرت أن صيد الحبارى هو رياضة الاثرياء.

وعندما كانت طيور الحبارى تهاجر من مناطق تزاوجها في سيبيريا، فإن الاثرياء الخليجيين، كانوا يسافرون آنذاك إلى صحارى ومروج باكستان، حيث كانوا يستقبلون بترحاب من جانب قادة الدولة.

وبالنسبة إلى الباكستانيين، فإن موسم الصيد أصبح فرصة لكسب المال وللانخراط في شكل من أشكال الديبلوماسية الناعمة.

ورغم أن 29 أجنبياً فقط تم منحهم رخص لصيد الحبارى هذا العالم، وفقا لما ذكرته تقارير صحافية، فإن من بين حامليها عددا من أثرى الرجال في الشرق الأوسط وأكثرهم نفوذاً.

والواقع أن تفاني أولئك الصيادين في سبيل صيد طيور الحبارى قد يبدو أمراً غريباً وغامضاً في نظر غير المهتمين بتلك الرياضة. فطعم لحم طيور الحبارى مر وغير مستساغ، كما أن خصائصه المفترضة المقوية للجنس لا يدعمها دليل علمي.

لكن الصيد بالصقور ومطاردة طيور الحبارى، هما أمران يحتلان مكانة رومانسية في الثقافة العربية البدوية.

وفي باكستان، فإن الطبيعة الباذخة لرحلات الصيد الشتوية – والتي يتم معظمها بعيداً عن الرقابة العامة – أصبحت مادة خصبة للأساطير.

ومن أجل كسب مودة المجتمعات المحلية، قام الصيادون العرب بتمويل مشاريع شق طرق وبناء مدارس ومساجد، بالإضافة إلى إنشاء مطارات عدة ذات مواصفات عالمية في أماكن نائية.

وخلال الفترة الماضية، لعبت رحلات الصيد تلك دوراً، وإن كان غير مقصود، في الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد تنظيم «القاعدة».

فوفقا لروايات عدة، كان اسامة بن لادن قد اختبأ في مخيم لصيد الحبارى في غرب أفغانستان في أواخر التسعينات، وذلك في وقت كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) تخطط فيه لاغتياله بضربة صاروخية.

وفي كتابه «حروب الأشباح» الفائز بجائزة بوليتزر، كتب الصحافي ستيف كول أن مسؤولين أميركيين رفضوا آنذاك تنفيذ تلك الضربة، بسبب الخشية من أن الثري العربي الذي كان مستضيفاً بن لادن كان معرضاً لخطر الموت في ذلك الهجوم.

يشار إلى أن الصحارى المحيطة بمنطقة دالباندين، التي هبط فيها الثري الخليجي الأربعاء الماضي، كانت موقع أول تفجير نووي أجرته باكستان في العام 1998، كما أن تلك الصحارى تعتبر معقلاً حصينا لمهربي الهيرويين ولمقاتلي حركة «طالبان».

لكن هذا النفوذ المتنامي من جانب دول عربية خليجية لا يحظى بقبول عام. فالتقدميون الباكستانيون يشجبون التأثير المحافظ الذي يتركه ذلك النفوذ على المجتمع (الباكستاني)، كما يشجبون ضخ الدولارات النفطية إلى الجماعات الجهادية.

كما تعرضت عمليات الصيد إلى هجمات. ففي بلوشستان، حيث طائر الحبارى هو الرمز المحلي، جرى إلغاء بعض مخيمات الصيد بعد أن فتح متمردون انفصاليون محليون النار على مواكب صيد.

وتحولت المعركة الآن إلى العاصمة إسلام آباد. فرئيس الوزراء، نواز شريف، يتمتع بعلاقات وثيقة مع دول الخليج، وهو الأمر الذي يعتبر في نظر المنتقدين أحد أسباب التساهل الذي تم إظهاره تجاه الثري الخليجي المذكور.

فشريف أرسل وزير التخطيط الفيديرالي، أحسن إقبال، للترحيب بالثري في دالباندين، بالإضافة إلى وزير الرياضة والثقافة في اقليم بلوشستان.

وكان الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة قد سمى طائر الحبارى، باعتباره نوعاً معرضاً للخطر، وحظرت الهند صيد ذلك الطائر. كما أشار الحكم، الذي أصدرته محكمة بلوشستان العليا في نوفمبر الماضي، إلى أن باكستان ملزمة بتنفيذ المعاهدات الدولية المتعلقة بالمحافظة على الطبيعة.

ويقول مؤيدو الصيد إن أعداد طيور الحبارى لم يتم حصرها بشكل علمي مطلقاً، كما أنهم يشتكون من أن زيارات الاثرياء يجري تسليط الضوء الإعلامي عليها بصورة لا داعي لها.

«الأجانب نعمة وليسوا مشكلة. إنهم يجلبون الكثير من الأموال إلى داخل الدولة.»، هكذا قال ايرنست شمس التابع لمؤسسة الحبارى العالمية في باكستان، وهي جمعية خيرية تتعاون مع حكومة احدى الحكومات الخليجية من أجل زيادة تعداد طيور الحبارى.

وفي محاولة لتفادي قرار حظر الصيد الذي اصدرته المحكمة، رفعت حكومة بلوشستان استئنافاً ضد الحكم لدى المحكمة العليا في باكستان، وهو الاستئناف الذي من المرجح أن يتم النظر فيه الأربعاء المقبل، حسب ما قال مسؤولون في اسلام آباد يوم الجمعة الماضي.

أما الثري الخليجي فإنه الآن في مخيم الصيد الخاص به في منطقة بار تاغزي، محاطاً بصقوره وبفرقة من رجال الأمن – ومن المؤكد أنه لا يصطاد أي طيور حبارى، وفقا لزعم مسؤولين باكستانيين.

فقد قال عبيدالله جان بابات، مستشار رئيس وزراء اقليم بلوشستان، مؤكداً: «إنهم يزورون مواقع تنموية. إنهم لا يصطادون».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي