تظاهرات محدودة في القاهرة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي
تظاهرات محدودة في القاهرة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي

خاص- موقع الحرة

تباينت آراء محللين سياسيين مصريين بشأن ما إذا كانت ستخرج تظاهرات جديدة ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال الفترة المقبلة بعد الاحتجاجات المحدودة التي خرجت ضده الجمعة، استجابة لدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما رأى ناشط حقوقي أن "كل الاحتمالات مفتوحة".

وبعد التظاهرات المحدودة في القاهرة وعدد من المدن المصرية في مشهد غير مألوف منذ حوالي ست سنوات، أفاد مراسل قناة الحرة بعودة الهدوء إلى الشوارع المصرية بشكل عام السبت. وأشار إلى أن التعزيزات الأمنية لا زالت قائمة لكن بكثافة أقل.

قوات الأمن كانت قد تجمعت بكثافة الجمعة في الميادين الهامة في القاهرة وقامت بتفريق العديد من المظاهرات على أطراف ومداخل ميدان التحرير الشهير الذي كان رمزا للاحتجاجات ضد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 2011.

ومع ذلك، لم تكن الأعداد ضخمة وتراوح عدد المتظاهرين في كل مظاهرة إلى العشرات وربما المئات، لكنه كان مشهدا نادر افي عهد السيسي الذي ينادي باستقرار البلاد سياسيا واقتصاديا بعد أحداث 2011 والاضطرابات التي أعقبتها ومن بينها عمليات يقوم بها متشددون في سيناء، بينما تتهمه المعارضة بالقمع وتضييق الحريات وحبس المعارضين.


الصحفي في جريدة الأهرام المصرية أشرف العشري الذي تحدث مع موقع "الحرة" توقع أن يتخذ الرئيس المصري إجراءات إصلاحية بعد عودته من الولايات المتحدة التي يزورها لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، وألا يتكرر مشهد خروج المحتجين مرة أخرى.

العشري يرى أن "الغالبية الكاسحة" من الشعب المصري "مقتنعة" بأن البديل للاحتجاجات هو "انهيار كامل لمصر والعودة إلى الأزمات والتحديات" التي حدثت إبان عام 2011.

الصحفي قلل من أهمية التظاهرات الأخيرة قائلا إنه "لم يشارك فيها سوى بضعة أفراد، وتم تزييف الحقائق ونشر مقاطع فيديو لتظاهرات قديمة "متهما جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء ذلك لإيهام الرأي العام بأن "مصر في خطر".

لكن الباحث السياسي أشرف أبو الهول توقع أن يتكرر المشهد بسبب "حالة العداء المستمرة من بقايا الإخوان والدولة التي لا تزال قائمة".

ويرى معارضون أن ما حدث يعبر بشكل حقيقي عن غضب موجود في الشارع المصري.

الناشط الحقوقي جمال عيد قال لموقع "الحرة" في المقابل إن الأمور "قد تتطور إلى حالة غضب أشد من حالة الغضب التي كانت موجودة إبان عهد مبارك".

وقال إن الشباب تظاهر لأنه "يشعر بأن مستقبله مظلم مستقبل ولا شيء يخسره".

الاحتجاجات التي خرجت الجمعة، بحسب عيد، كانت "رسالة لاذعة ضد نظام السيسي بأكمله... ودعوة لمعالجة هذا الغضب وتلبية مطالب الشعب".

واعتبر عيد أن قضية القصور الرئاسية كانت بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير" فالمشكلات الحقيقة تتمثل في "حالة الإفقار والفشل الاقتصادي والاعتقالات بالآلاف تحت غطاء قضاء مزيف، والسيطرة على الإعلام".

قضية القصور الرئاسية كانت أثارت الجدل في مصر خلال الفترة الماضية، فبعد أن اتهم المقاول محمد علي السيسي بأنه يبني قصورا رئاسية تكلف خزانة الدولة ملايين الجنيهات، أقر السيسي ببناء هذه القصور، ولم يستبعد بناء قصور أخرى في المستقبل، لكنه قال إنها ليست ملكه بس هي للدولة.

وجاءت هذه القضية بينما يشكو قطاع كبير من المصريين من ارتفاع معدلات التضخم والفقر خاصة منذ تعويم العملة المحلية عام 2016، لكن في المقابل، توقع مسؤولون مصريون أن تتحسن الأحوال المعيشية للمواطنيين خلال السنوات القليلة القادمة.

أبو الهول يرى أن هناك "بعض الضيق من عمليات الإصلاح الاقتصادية التي أثرت سلبا على عدد من المصريين" لكنه استدرك بالقول إن "الأغلبية الكاسحة على اقتناع أن الرئيس السيسي يقوم بإنجازات كبيرة".

وقال إن "هناك أخطاء لكن غالبية المصريين لا يريدون ثورة أو فوضى"، مضيفا "هم "يريدون إصلاحات مدروسة".

يتوقع العشري أن يقوم السيسي بعد عودته من رحلته الخارجية بـ"إعادة النظر في الأولويات في المرحلة المقبلة" أي أنه سيعمل على "تصحيح المسار الاقتصادي وعمل تغييرات في الحكومة وأسماء المحافظين وتبني استراتيجية جديدة للإعلام".

أما عيد فيرى أن المصريين أمام احتمالين هما: "زيادة القمع والبطش" أو أن "ينتبه النظام إلى أن "مساحة الغضب تتحول إلى كراهية وبالتالي يأتي ذلك بنتائج عكسية"، وهو ما يدفعه إلى إحداث "انفراجة وزيادة الحريات ومحاربة الفقر والفساد". يقول عيد: "كل الاحتمالات مفتوحة".

رجل الأعمال إبراهيم العرجاني ترأس اتحاد القبائل العربية
رجل الأعمال إبراهيم العرجاني ترأس اتحاد القبائل العربية

ما أن تم الإعلان عن تدشين اتحاد القبائل العربية في مصر، من محافظة شمال سيناء، حتى انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات، تعكس مخاوف بشأن إمكانية أن يكون الكيان بمثابة "ميليشيا"، أو أن يتحول رئيسه، رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، إلى نسخة من قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي).

لكن سرعان ما خرج مصطفى بكري، المتحدث باسم الاتحاد، البرلماني السابق الداعم القوي للرئيس عبد الفتاح السيسي، وبدد كل هذه المخاوف، قائلا إن التكتل عبارة عن "جمعية أهلية" لا علاقة لها باتحاد قبائل سيناء الذي قاتل مع الجيش وتعاون معه خلال المعارك ضد التنظيمات الإرهابية في سيناء.

واعتبر المحلل السياسي عمرو الشوبكي، في حديثه لموقع الحرة، أن تلك المخاوف "مشروعة"، معتبرا أنه "يجب أن تعمل الحكومة على تبديدها"، مشيرا إلى إسراع الاتحاد نفسه بالتأكيد على أن "مصر قائمة على فكرة الدولة الوطنية ولا تقبل وجود كيانات موازية".

وجرى الإعلان عن إطلاق اتحاد القبائل العربية، خلال مؤتمر جماهيري بقرية العجرة، جنوبي رفح في شمال سيناء، الأربعاء.

وجاء في بيان للاتحاد، أنه يهدف إلى "خلق إطار شعبي وطني يضم أبناء القبائل العربية لتوحيد الصف وإدماج كافة الكيانات القبلية في إطار واحد، دعما لثوابت الدولة الوطنية ومواجهة التحديات التي تهدد أمنها واستقرارها، إلى جانب السعي الدؤوب لتبنى القضايا الوطنية والتواصل مع جميع القبائل العربية للوصول إلى قواسم مشتركة في إطار الدولة وخدمة لأهدافها، ودعما للرئيس عبد الفتاح السيسي".

وأكد البيان أن الاتحاد "يعلو في طرحه ورؤيته على جميع الانتماءات الحزبية والأيديولوجية.. ورسالته هي للدولة. توحيد القبائل لا يتعارض مع ثوابت الوطن، ولا يتصادم مع الأحزاب والائتلافات التي يتم مد اليد لها للتعاون والتنسيق المشترك".

"عن أي ميليشيا يتحدثون؟".. تعليق من "اتحاد القبائل العربية" في مصر
نفى المتحدث باسم اتحاد القبائل العربية، مصطفى بكري، أن يكون الكيان الجديد الذي يرأسه رجل الأعمال السيناوي المثير للجدل إبراهيم العرجاني، ميليليشا أو مجموعات مسلحة، موضحا أنه "جمعية أهلية تعمل في إطار القانون".

"مقارنات مغرضة"

وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقارنات بين رجل الأعمال السيناوي، العرجاني، وحميدتي، وعبّر البعض عن مخاوفهم من ظهور "سيناريو حميدتي في مصر"، خاصة أن العرجاني كان رئيسا لاتحاد قبائل سيناء، وتعاون مع قوات الجيش في تحديد مواقع أعضاء التنظيمات الإرهابية في سيناء.

وأشار بعض المغردين على منصة "إكس" إلى ذلك، وكتب أحدهم: "هكذا قيل على الدعم السريع في دارفور، هم يشتغلون (يعملون) مع الجيش والأقدر على دحر التمرد في دارفور، وحاليا هم في الخرطوم والجيش هارب منها".

لكن الاختلاف واضح بين سبب وكيفية تشكيل الجنجويد التي انبثقت منها قوات الدعم السريع، وبين اتحاد قبائل سيناء الذي تعاون مع الجيش من أجل مواجهة التنظيمات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء التي نفذت هجمات قوية ضد الجيش والشرطة والمدنيين، في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين قبل أكثر من 10 سنوات.

وتشكّل اتحاد قبائل سيناء لدعم القوات المسلحة في مواجهة داعش في سيناء. وفي حوار ظهر فيه العرجاني مع بكري عام 2015، قال: "هناك قبائل في سيناء وهناك داعش.. إما القبائل وإما داعش. حينما غاب رجال القبائل صار للخرفان [داعش] هيبة"، وأوضح أنه "سيتم القضاء على التكفيريين".

وقال أمين عام حزب المؤتمر في محافظة شمال سيناء، موسى أبو عكيرش، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن مثل هذه المقارنات "مغرضة"، مضيفا: "من يقولون إن اتحاد القبائل العربية مسلح ومثل ميليشيات حميدتي السودان.. كل هذا الكلام ذلك لا وجود له".

وتابع: "نحن دولة قانون ولسنا في عزبة.. هناك مؤسسات وجيش وشرطة ومخابرات، وكنا في وقت معيّن نساند الجيش بمعلومات على المستوى الأكبر".

ويحتل الجيش المصري المرتبة رقم 15 عالميًا، وفق موقع "فلوبال فاير باور"، وذلك خلال التصنيف الحالي للموقع لعام 2024.

ويأتي قبله في منطقة الشرق الأوسط كل من تركيا الثامنة وإيران في المرتبة 14.

فيما نشأت ميليشيا الجنجويد، بهدف مواجهة حركة التمرد التي تقودها شخصيات من أصول أفريقية في دارفور، حيث قرر النظام السابق بقيادة عمر البشير، تشكيل المجموعة المسلحة لتضم مقاتلين من العرب، حسب فرانس برس.

واتُهمت الجنجويد بالمسؤولية عما وصفته الحكومة الأميركية بالإبادة الجماعية الأولى في القرن الحادي والعشرين. وأفاد تقرير لمكتب المساءلة الحكومي الأميركي أن "وزارة الخارجية الأميركية ذكرت أن ما مجموعه 98 ألفا إلى 181 ألف شخص لقوا حتفهم في الفترة ما بين مارس 2003 ويناير 2005"، فيما تشير تقديرات إلى مقتل 400 ألف شخص.

وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا عام 2005، وفي أوائل عام 2009 أصبح الرئيس المخلوع البشير أول رئيس دولة تصدر بحقه مذكرة اعتقال. ورغم الملاحقة الدولية أسس الرئيس السوداني في عام 2013 قوات الدعم السريع من رحم الجنجويد، برئاسة دقلو الملقب بحميدتي.

ولدى سؤاله عما إذا كان الكيان الجديد في مصر يعني وجود ميليشا، قال بكري خلال برنامج "الحكاية" على قناة "إم بي سي مصر"، الجمعة، إن "الدستور والقانون يمنعان تشكيل ميليشيات عسكرية، فكل من يعمل على تشكيلها عرضة للقانون والدستور. أي ميليشيات يتحدثون عنها ونحن نقول إن الكيان هو جمعية أهلية في إطار قانون الجمعيات الأهلية؟".

من جانبه، اعتبر الشوبكي أن "المخاوف على مواقع التواصل الاجتماعي مشروعة، لأن مصر ليست معتادة على مثل هذا النوع من الاتحادات والجمعيات، خصوصا مع انطلاقها تحت قيادة شخص من منطقة حساسة مثل سيناء، مرت بمشاكل كثيرة".

مدينة السيسي ورئاسة العرجاني.. ما هو "اتحاد القبائل العربية" الذي أطلق في مصر؟
أُعلن في مصر إطلاق اتحاد القبائل العربية، وذلك خلال مؤتمر جماهيري بقرية العجرة، جنوبي رفح في شمال سيناء، وتمت تسمية رئيس له، وتم اختيار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي رئيسا شرفيا، و تغيير اسم مدينة لتحمل اسم السيسي.

وتابع: "من المفترض أن تؤكد الدولة في النهاية أن كل الأمور تتم تحت عباءتها ومؤسساتها، وتعمل على تبديد تلك المخاوف وتخاطب الرأي العام بشفافية".

وحول المقارنة بالوضع في السودان، قال الشوبكي: "لا أعتقد أن ذلك يحدث في مصر، مهما كان، المسألة بعيدة لأن الآخر (حميدتي) كان جزءا من المؤسسة العسكرية، لكن الوضع في مصر ليس كذلك، لا يمكن مقارنة اتحاد القبائل بالدعم السريع".

وأوضح أن "مصر والدولة المصرية طالما أكدت أن فيها جيشا وطنيا واحدا.. وأي مظهر سياسي منذ أيام حكم محمد علي إلى الآن قائم على فكرة الدولة الوطنية ومؤسساتها، ولا يقبل بوجود كيانات موازية".

وبدوره، قال العرجاني خلال كلمته في مؤتمر تدشين الاتحاد، إنه جاء "انطلاقا من مسؤوليتهم الوطنية والاجتماعية، ووعيا وإدراكا بالتحديات التي تواجه الوطن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية، وتأكيدا على الدور التاريخي الذي تلعبه القبائل والعائلات في مسيرة هذا الوطن ودعم مؤسساته".

ويعتبر العرجاني أحد رجال الأعمال المصريين القلائل الحاصلين على ترخيص لتصدير البضائع إلى غزة من مصر، وهو أحد قيادات قبيلة الترابين في سيناء وبات مقربا من الحكومة المصرية وعضو في الجهاز الوطني لتنمية سيناء.

كما ظهر العرجاني في ليبيا، حيث وقّع عقود لأعمال لإعادة الإعمار مع المدير التنفيذي لصندوق إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة بلقاسم خليفة حفتر، نجل قائد "الجيش الوطني الليبي" (خليفة حفتر) الذي يسيطر على شرق البلاد وتجمعه علاقات قوية بالقاهرة.

وكان موقع "الحرة" قد كشف في وقت سابق بناء على شهادات لخمسة أشخاص من قطاع غزة يتوزعون ما بين الولايات المتحدة ومصر وألمانيا وتركيا، عملية استغلال تتقاطع جميع خيوطها في مكتب شركة "هلا"، التي يترأس مجلس إدارتها العرجاني أيضًا.

ما هي أوجه الاختلاف؟

كان أبو عكيرش أيضًا أحد أعضاء اتحاد قبائل سيناء الذي يرأسه العرجاني، ضمن حضور حفل تدشين اتحاد القبائل العربية. وقد أكد أن "الكيانين مختلفين تماما، حيث أن الثاني أهدافه سياسية".

ويشير تعريف اتحاد قبائل سيناء عبر حسابه بمنصة "إكس"، إلى أنه "جبهة قبلية موحدة تضم الغالبية العظمى من قبائل سيناء لمساندة الدولة المصرية في مواجهة التنظيمات المتطرفة ودعم عملية التنمية والتعمير".

وقال أبو عكيرش للحرة: "اتحاد قبائل سيناء تابع لسيناء فقط، أما اتحاد القبائل العربية يشمل جميع القبائل العربية في مصر من الصعيد والقاهرة والشرقية وبقية المحافظات، والهدف هو جمع تلك القبائل على كلمة واحدة في أي أمور سياسية تخص البلاد (قوتهم حوالي 28 مليون شخص).. ونهدف إلى أن تكون أكبر كيان سياسي وتكتل موجود بالفعل".

وحول دور اتحاد قبائل سيناء، قال: "القتال هنا انتهى والدولة موجودة.. وكان الاتحاد يتعاون مع القوات المسلحة في القضاء على الإرهاب. الأمور انتهت تماما ولا وجود لمعارك (في سيناء) ولم نكن لنقيم مثل هذا المؤتمر لو أن سيناء ليست آمنة".

واتفقت هذه التصريحات مع حديث بكري، الذي أكد: "تجربة اتحاد قبائل سيناء مختلفة، فكانت تعمل بالتعاون مع القوات المسلحة والشرطة في سيناء لتحقيق هدف معين، هو تقديم المعلومات عن أماكن الإرهابيين والمساعدة في مواجهتهم. كانت مهمة وطنية قام بها أهالي سيناء خلال فترة العملية العسكرية الشاملة، وانتهى الأمر".

من جانبه، قال الشوبكي إن الدولة أشارت إلى أن الاتحاد "ليس فصيلا من الجيش، فمصر لديها جيش وطني واحد، لكن من المهم أن تناقش الدولة هذه المخاوف وأن تستمع إليها لأنها مخاوف مخلصة".