الدكتور عدنان سعد الدين

الأستاذ الداعية عدنان سعد الدين

 

المولد و النشاة:

ولد عدنان سعد الدين، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية سابقاً، في مدينة حماة عام 1929، ونشأ في بيئة فقيرة عادية، في أوساط، يعني في طبقة وسط، كان والده -رحمه الله- يشتغل في تجارة الحبوب والبقول، ونشأ في بيئات يعاني أكثرها ضائع، لأن هذه البيئات الأطفال كانوا منشغلين بشرب السجائر والذهاب إلى السينما، أطفال يعني في أول العمر، وبحمل صور الممثلات في جيوبهم، وما إلى ذلك من هذا الضياع، جاءت حركة الإخوان المسلمين، فانتشلتهم من هذه البيئة.

دراسته، ومراحل تعليمه:

تلقى عدنان سعد الدين العلم في المدرسة المحمدية الشرعية في حماة التي أسسها العارف بالله الشيخ الشهيد محمود عبد الرحمن شقفة، التي كانت تجمع بين المنهج الحكومي الرسمي، وبين المنهاج الشرعي، وأخذ الشهادات الرسمية.

وبعد تخرجه، توجه للدراسة في دار المعلمين في حلب، وكان مسؤول الطلبة فيها، ثم سافر عدنان سعد الدين لإكمال دراسته في مصر عام 1951م حيث درس الأدب العربي في جامعة (فؤاد الأول) في القاهرة، وتخرج منها عام 1955م، وكانت فترة إقامته في مصر فرصة لترسيخ علاقته بجماعة الإخوان المسلمين وقادتها.

وكان دائم التردد على المركز العام لجماعة الإخوان، وعلى الشخصيات الإخوانية الكبيرة، من أمثال: الشيخ عبد المعز عبد الستار، وكذلك اتصل بالشخصيات الكبيرة الأخرى، التي تشكل المدارس الإخوانية مثل مدرسة عبد العزيز كامل، رحمه الله، وكان من ألمع الشخصيات الإخوانية في القاهرة، وكان قد شكل لجنة اسمها (لجنة الشباب المسلم)، وكان لعدنان سعد الدين حظ في حضور الجلسات.

وعندما قدم الشيخ حسن البنا في زيارة عام 1947م، كان عدنان سعد الدين معلماً في مدرسة في قرى حماة، وحينما نزل إلى مدينته قالوا له: إن وفداً تشكل برئاسة الشيخ محمد الحامد، واستأجروا باصاً، وذهبوا لاستقبال حسن البنا والسلام عليه، لم يكن لديه الوعي الكافي ليلتحق بهم بسيارة صغيرة، واستسلم للواقع، ولكن الذين ذهبوا إليه التقوه فعلاً في دمشق، وجاء على رأس كتيبة من مجاهدي الإخوان المسلمين ليشاركوا في حرب فلسطين.

ثم عاد عدنان سعد الدين إلى مدينة دمشق، ودرس القانون في جامعتها، وتخرج منها عام 1960م.

التحاقه بالدعوة:

انتسب (عدنان سعد الدين) إلى جماعة الإخوان المسلمين في العام الذي تأسست فيه 1945م، وتحديداً في شهر يوليو تموز، في 5/7/1945م. وكان عمره 16 سنة ؟

وكان كما ذكر في مذكراته في ساحة يجتمع فيها الناس بين المغرب والعشاء، ويتداول فيه أبناء الحي في مدينة حماة بعض أمرهم، وقال أحد الناس، ما رأيكم هناك احتفال يقيمه الإخوان المسلمون، ولأول مرة يطرق ذهنه كلمة ( الإخوان المسلمون)، وكأنه كان الحفل في (المولد النبوي الشريف)، فهل تذهبون؟ فذهب إلى جامع السلطان، وهو أشهر مساجد المدينة، الذي هدم في القصف فيما بعد، في أيام تلت بعد ذلك، وانبهر فيما رأى من خطباء يتكلمون دون أن ينظروا في ورقة، وكان من أبرز المتكلمين الأستاذ شوقي الكيلاني

لكن المنظر الذي رأيته في جماعة الإخوان المسلمين في شهر تموز، في شهر يوليو، كما قلت بهرني وجذبني، ولم يترك في ذهني أي فراغ، إنما كنت، تعلقت من اللحظات الأولى في هذه الجماعة، وفي نشاطها، وفي تحركاتها..

وبدأ الداعية عدنان سعد الدين حياته الدعوية مع الرعيل الأول للإخوان المسلمين في سوريا مع المؤسس مصطفي السباعي رحمه الله، حيث تعرف عليه بوقت مبكر بعد انتسابه للإخوان المسلمين مباشرة، وكانت دعوة الإخوان قد امتدت في سوريا، وكان السباعي يميل إلى أن يذهب إلى المراكز، ويزورها، فكان مركز حماة من المراكز الرئيسية التي كان يزورها، فرآه عدنان سعد الدين، وتأثر به تأثراً  كبيراً في خطبه وأفكاره، ومواقفه السياسية.

وكان عمره حينما أقام تلك العلاقة في أوائل العشرينيات من حياته، وأهم الأشياء التي أخذها عنه هي أنه تشرّب منه الروح السياسية وبعد النظر، وصار لدى عدنان قناعة راسخة أنه سبق عصره بخمسة وعشرين سنة على الأقل، كما أن الأستاذ البنا في رأيه سبق عصره في خمسين سنة.

وكانت نشأة الإخوان خليطاً من جماعات متعددة (دار الأرقم، والشبان المسلمين، ودار الأنصار، ….)، وكانت هذه الجماعات رؤيتها أيضاً متعددة، ومفاهيمها متعددة بالنسبة للإسلام، ولوضع الإسلام، وكانت قائمة على وجهاء الناس، والعلماء بالدرجة الأولى، ولم تكن تجمع نفس التنظيم الذي كان لحسن البنا في مصر.

ولازم عدنان سعد الدين الشيخ العلامة محمد الحامد ملازمة خاصة في مساجد حماة والشيخ محمد الحامد كان على رأس  وفد ذهب، وبايع الإمام حسن البنا عام 1947م، ولكنه لم يختر مراقباً عاماً للإخوان، لأن محمد الحامد كان أكبر من مراقب، أو أكبر من رئيس للإخوان من ناحية تنظيمية، كان مثل الأب الروحي للمدينة كلها، وكان يحب الإخوان حباً لا مزيد عليه، وكأنهم أبناؤه الحقيقيون، يعني كان يحرص عليهم، وخاصة  حين كان يجد اندفاعة الشباب التي ينقصها الوعي، كما حصل لأخينا الشهيد مروان حديد، وغيره، فكان يعطف عليهم، وكان يحدب عليهم، وكان يوجههم، وكان يسدد خطاهم، فالأستاذ لم يكن مراقباً أو رئيساً للإخوان.

وتبدلت حياة عدنان سعد الدين بعد انتسابه للإخوان حيث عكف على مطالعة الكتب الثقافية والإسلامية لكبار الكتاب والدعاة من سورية، ولبنان، ومصر، وباكستان، والهند.. وغيرها، وكان يحضر بشكل دائم حديث الجمعة الأسبوعي، ثم كلف بالإشراف على بالإشراف على توجيه الأسر الإخوانية، وكان يصغي باهتمام إلى دروس ومواعظ الإخوان الذين يزورون المراكز من أمثال: حسن الهضيبي، والندوي، والمودودي، وسعيد رمضان، ومصطفى مؤمن، وعبد الحكيم عابدين، ومحمد المبارك، والشيخ مصطفى السباعي، والشيخ محمد الحامد، رحمهم الله جميعاً.

وشارك عدنان سعد الدين في لجان المراكز، ولا سيما لجنة الطلاب، وكتابة الكلمات، وإلقاء المقالات، ودخول المسابقات. ولم يمض على التحاقه بالجماعة أربع سنوات حتى ألقى محاضرة الجمعة ارتجالاً في الاجتماع الأسبوعي الذي يحضره أعضاء الجماعة وغيرهم وكانت تحت عنوان: مشكلة الرق، وكيف عالجها الإسلام؟، وكان ذلك في عام 1949م.

وكان عدنان سعد الدين يكره العمل الإداري، بسبب صدمة تعرض لها بعد انتسابه للإخوان، وعندما فازت قائمة مركز حماة بالتزكية، وكان الإخوة المسؤولون قد وضعوا اسمه ضمن المرشحين، فلم يلبث في اليوم الثاني أن تقدم باستقالته مصراً على قبولها، وظل على ذلك ثلاثين سنة من عام 1945م حتى عام 1975م حيث تقلد منصب المراقب العام.

حضر عدنان سعد الدين اجتماعاً خاصاً بالحزب القومي السوري الاجتماعي الذي أسسه أنطوان سعادة، وكان أتباعه يتباهون بشخصية الزعيم وعبقريته، وبعد الحضور جاء سعادة بمجسم للكرة الأرضية وراح يشرح جغرافية سورية الكبرى وركز الحديث على لواء اسكندرون، فوقف عدنان سعد الدين، وكان شاباً، فقال: حينما كانت وسيلة الاتصال بين الأمم هي الخيل والبغال كانت مصر في قلب الدولة العربية الإسلامية، بل كانت أقرب أقاليم الدولة إلى عاصمتها، وعندما صارت الطائرة التي تحملنا إلى القاهرة بساعتين وسيلة للنقل، صار من الصعب أن نشكل نحن أبناء الشام معها دولة واحدة ؟؟ ..

فقال أنطوان سعادة: أنت تذكرني بشاب في بلادنا عزم على أن يخطب فتاة تقيم في أمريكا، فتحدث معها بالهاتف، واتفق معها على الزواج، ولكنه بقي هنا، وبقيت هناك، وشكلا عائلة وهمية. فشعر الحضور بأن الإجابة غير مقنعة، وكانت تمييعاً للحوار، وكأن سعادة شعر بذلك، فقال: طالما أنت متحمس للوحدة مع مصر، فسوف نعينك سفيراً في القاهرة بعد نشوء الهلال الخصيب، وبناء دولته!!! .

وفي عام 1947م رشح العلماء والإخوان الشيخ محمود شقفة لعضوية مجلس النواب، وكان عدنان سعد الدين طالباً في مدرسة المحمدية الشرعية التي أسسها الشيخ محمود شقفة رحمه الله، ضمن برنامج سياسي في سورية كان نصيب عدنان سعد الدين أن يكون مندوباً للشيخ شقفة في مركز الاقتراع بالحي المسيحي في مدينة حماة، وكانت الكنيسة مقراً للانتخابات، وتعرف على مندوب الحوراني في المركز، وكان (أكرم الحوراني) يشجع ترشيح الشيخ محمود شقفة لكي يحجب مرشح الذوات عبد الرحمن العظم في منطقته.

ثم صار عدنان سعد الدين عضواً في المجموعة الكشفية التي قدمها فوج سعيد العاص في مدينة حماة لتشارك في الإحصاء العام للسكان الذي عزمت الحكومة الوطنية في سوريا أن تقيمه بعد نيل الاستقلال في عام 1947م، فكان مع زملائه يرقم المنازل في سبع قرى مثل : مورك، وطيبة الإمام وصوران ومعردس وغيرها تمهيداً لإحصاء عدد سكانها من قبل فريق آخر مختص بالعملية الإحصائية، وعاد إلى بيته بعد أسبوع وانتظر مع غيره أسبوعاً وشهراً وسنة فلم يسمع نتيجة الإحصاء لأن حكومة جميل مردم فوجئت أن عدد الأقليات كان نصف ما هو مثبت في القوائم الرسمية، فخشيت أن تتهم بالتضييق على الأقليات من قبل الغرب.

ثم انتقل كأستاذ متعاقد معه في دول الخليج العربي كقطر، وصار مسؤول المناهج في الإمارات العربية المتحدة، وهو الذي مهد لوزارة سعيد سلمان التي حولت التعليم بالإمارات إلى خلايا دينية ودعوية انتشرت في كافة المدارس حدث ذلك قبل أن يغادر عدنان سعد الدين الإمارات تحت ضغط النظام السوري إلى المانيا، ثم الأردن مع فترة قصيرة في اليمن وغيرها.

انتخابه مراقباً عاماً للإخوان المسلمين في سورية:

كتب الأستاذ الداعية مصطفى الطحان يقول: ( لم يستطع الشيخ عبد الفتاح أبو غدة لظروف خاصة به أن يستمر في تحمل مسؤولياته كمراقب عام، وفضل أن يتنحى ..ولقد حاول مجلس الشورى أن ينتخب بعض المقربين من الشيخ ولكنهم رفضوا جميعاً ..الأمر الذي دفعهم للتفكير برجل من خارج الإطار الحلبي فاختاروا عدنان سعد الدين الذي كان خارج التنظيم. وهو من إخوان حماة السابقين، وكان يعمل في أبو ظبي في وزارة التربية ..فلما عرضوا عليه الأمر رغب فيه ..واختير مراقباً عاماً جديداً ..وتعهد أن يتردد على سورية لإعادة ترتيب أوضاع الجماعة فيها .. كان ذلك في تموز 1975م.

وبتاريخ 28 سبتمبر 1978م تمّ وضع خطة من ثلاثة أقسام .. يبحث القسم الثالث عن التعبئة العامة ليدرك النظام أنه منفصل عن الشعب، ولا يستطيع حكمه أو السيطرة عليه.

والقوة في درجتها الأخيرة لا تستخدم إلا عندما لا يجدي سواها، ولا بد قبل استعمالها من استعمال عدة الإيمان والوحدة، والإنذار ثم الانتظار، وبعد ذلك يتم الإقدام واحتمال النتائج، وينبغي التحذير من أن تنقلب الحركة الجهادية ضد الوجود المرتد والجاهلية الباغية إلى فتنة عمياء لا تفرق بين عدو وصديق.

وفي 1 كانون الثاني 1978م عقد اجتماع في بيروت بين المراقب العام عدنان سعد الدين وعبد الستار الزعيم مسؤول الطليعة واتفق الطرفان على تنسيق المواقف، ووعده بتأمين كل ما يلزم من المال والرجال والسلاح عن طريق رياض جعمور ( وإن كان عدنان سعد الدين ينفي مثل هذا الاتفاق ويحصره في مساعدة المساجين والمطاردين فقط).

مؤلفاته:

من مؤلفات الدكتور” رحمه الله”:

1-الإخوان المسلمون في سوريا ما قبل التأسيس وحتى عام 1954.

2-من رحيل الشيشكلي إلى الانفصال 1954 – 1963.

3-الحكم البعثي (العلوي) من عام 1963 – حتى عام 1944.

4-العلاقات السياسية لجماعة الإخوان في ثمانينيات القرن العشرين وما بعده.

5-سنوات المجازر المرعبة من عام 1944 – حتى 1983.

6- حوار مع رجاء جارودي.

وفاته:

انتقل (عدنان سعد الدين) إلى رحاب ربه يوم الأحد الأول من أغسطس 2010، وتم تشييع الجنازة عصر اليوم الأحد في مسجد السيدة عائشة – رضي الله عنها- بحي عبدون (عمان)، وكان الدفن في مقبرة سحاب الإسلامية.

كاتب الترجمة: رابطة أدباء الشام