نتأمل كيف نملأ النصف الفارغ من الكوب
الرئيسية / اخبار السلايدر / «كل ما شئت ولا تدفع شيئًا».. موائد الرحمن تنتصر على كورونا وتزين شوارع مصر (لمحة تاريخية)

«كل ما شئت ولا تدفع شيئًا».. موائد الرحمن تنتصر على كورونا وتزين شوارع مصر (لمحة تاريخية)

موائد الرحمن في مصر
موائد الرحمن في مصر

«كل ما شئت ولا تدفع شيئًا»، شعار رفعته موائد الرحمن التي تنتشر في مصر خلال شهر رمضان، منذ 11 قرنًا، لتكشف عن صورة للتكافل الاجتماعي عرفتها القاهرة، قبل زمن بعيد.

فبحسب دراسة أجرتها جامعة الأزهر قبل أربعة أعوام، فإن عدد المستفيدين من موائد الرحمن في رمضان في مصر، قدر بحوالي 3 ملايين شخص يومياً، تتكلف نحو ملياري جنيه، نصفها في القاهرة فقط.

وفيما تشير تقديرات نشرت في العام 2019، إلى أن موائد الرحمن بلغت أكثر من 40 ألف مائدة في مصر، فإن موائد الرحمن في مصر ينظمها أشخاص مستقلون ومؤسسات خيرية.

تاريخ نشأة موائد الرحمن بمصر

رغم نسبة هذه الموائد إلى العصر الفاطمي والأموي، إلا أن الثابت تاريخيًا، أنها بدأت في عصر النبي محمد – صلي الله عليه وسلم-، حينما كان يرسل وجبات الإفطار والسحور مع بلال بن رباح لأهل الطائف، عندما زارهم في شهر رمضان الكريم، ليتلقف الفكرة بعده الخلفاء الراشدون والصحابة وأهل بيته.

وظهر مصطلح مائدة الرحمن، في عهد الدولة الأموية، على يد الليث بن سعد بن عبد الرحمن، صاحب أحد المذاهب المندثرة، والذي عرف عنه حبه لعمل الخير، ومساعدته للفقراء والمساكين.

وعرف عن الرجل، بأنه كان دائم القيام بإنشاء موائد طعام خارج منزله للفقراء وعابري السبيل استمرت حتى وفاته في عام 791 ميلادي، ليتم إطلاق على تلك الموائد، اسم جده عبد الرحمن.

تدشينها رسميًا

يعود تاريخ إنشاء أول مائدة للرحمن في مصر إلى الخامس عشر من سبتمبر 868 ميلادية، بعد أن دخل الأمير أحمد بن طولون مصر، معلنًا استقلاله عن الخلافة العباسية، ليجمع بعدها كبار التجار والأعيان على مائدة أعدها خصيصًا لغرض الإفطار، ثم يلقي خطبة يكشف فيها الغرض من تلك المائدة، مطالبًا إياهم بالإحسان للفقراء والمساكين.

وأمر أحمد بن طولون، التجار والأعيان، بفتح منازلهم، ومد موائدهم لإطعام الفقراء، مكلفًا مسؤوليه بتعليق قراره في كل مكان، ليكون ذلك القرار البداية الحقيقية لفكرة موائد الرحمن في بلاد المحروسة.

وبعد اقل من قرن من ذلك التاريخ، وتحديدًا في العام 972، قرر الخليفة المعز لدين الله الفاطمي بعد دخوله مصر، إقامة الولائم والموائد الرمضانية لشعب مصر.

وأصدر -هو الآخر-  قرارًا كلف فيه الحكام وكبار رجال الدولة والتجار والأعيان، بعمل تلك الموائد، وأطلق عليها اسم «سماط الخليفة»، وجه بتوفير مخزون كبير من السكر والدقيق لها، لصناعة حلوى رمضان.

ومع وصول هارون الرشيد إلى سدة الخلافة العباسية في العاصمة العراقية بغداد، اعتاد طيلة حكمه الذي استمر 23 عامًا، على إقامة موائد الرحمن طيلة شهر رمضان في حديقة قصره.

مصر الحديثة

لم تتوقف موائد الرحمن في مصر الحديثة؛ ففي عهد أسرة محمد علي باشا، كان لموائد الرحمن دور مهم في القصر، لتزدهر في عهد الملك فاروق، الذي سمح بإقامة موائد الرحمن داخل قصر عابدين، ليكون ضيوفها العمال والفلاحون وعموم الشعب المصري.

وفي تطور للأمر، خصص الملك عددًا من المطاعم المنتشرة في القاهرة لتكون مائدة طعام للفقراء والمحتاجين، لتتولى إدارة الملكية دفع قيمة مأكولات الإفطار والسحور.

وبعد ثورة 23 يوليو 1952، وتحديدًا في العام عام 1967 ميلادية، أُنشئ بنك ناصر الاجتماعي، ليكون أحد أهدافه الإشراف على تمويل موائد الرحمن من أموال الزكاة.

لا موائد رحمن لأول مرة

ومنذ ذلك اليحن، وتنتشر موائد الرحمن في مصر، دون انقطاع باستثناء العام 2020، الذي حظرت فيه الحكومة المصرية إقامة تلك الموائد، كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، إلا أنها لم تمنع في كافة أنحاء مصر؛ فجرى تنظيمها بشكل غير نظامي، في القرى والنجوع.

لكن قبيل شهر رمضان 2020، ظهرت أفكار عدة ومبادرات عدها البعض بديلا لمائدة الرحمن؛ بينها توزيع وجبات لإفطار الصائمين، على منازل المحتاجين، والموجودين أمام المستشفيات بانتظار أقاربهم، والمسافرين بمحطات القطار ومواقف سيارات الأجرة.

واتجه الكثير من مقيمي موائد الرحمن في العامين الماضيين إلى توزيع «كرتونة رمضان»، وهي عبوة تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للشهر، مثل الأرز والزيت والسكر وغيرها.

كما ظهرت مبادرات على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، لتنسيق التبرعات، لكيلا يتم التركيز على منطقة وإهمال أخرى؛ والتي لاقت تجاوبًا من بعض المصريين للمشاركة فيها.

وكان للجمعيات الأهلية الكبرى، دور كبير في إيجاد بدائل لموائد الرحمن على مدار الأعوام الماضية، بهدف إعالة أكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة؛ بينها مؤسسة مصر الخير، التي أطلقت عدة مبادرات؛ أبرزها حملة «سند العيلة»، والتي تهدف إلى توفير وجبات إفطار للأسر الأكثر احتياجاً، بحيث يكفل المتبرع أسرة بمتوسط 5 أفراد طوال الشهر.

ومع إعلان الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي عودة موائد الرحمن، لاحظ محررو «تايمز أوف إيجيبت»، انتشار التجهيزات في عدد من مناطق العاصمة المصرية القاهرة، ليشهد شهر رمضان 2022، عودة لأبرز الظواهر التي انتشرت في مصر، على مدار 11 قرنًا.

عن لندن - تايمز أوف إيجبت

شاهد أيضاً

فلسطينيون يقتادون اسرائيليا في خان يونس بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. (أ ف ب)

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف الجوي الإسرائيلي على القطاع.

السفير شريف كامل واللواء المشرفي وقرينتاهما أثناء عزف السلام الوطني. (تايمز أوف إيجيبت)

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في حرب أكتوبر المجيدة.