اقْرأ باسم ربك الذي خلق

خطبة الجمعة

الخطبة الاولى

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَهُ الإِيجَادُ وَالإِنْشَاءُ، وَالإِمَاتَةُ وَالإِحْيَاءُ، سُبْحَاَنهُ جَعَلَ الْعَافِيَةَ وَالْبَلاءَ، وَالدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، خَلَقَ آدَمَ وَبَثَّ مِنْ نَسْلِهِ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، فَمِنْهُمُ الْعَالِمُ الذَّاكِرُ وَمِنْهُمُ الْجَاهِلُ النَّسَّاءُ، أَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ مِنَ الآلَاءَ، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ رَاكِبٍ حَوَتْهُ الْبَيْدَاءُ، وَعَلَى آلِهِ وصحبِهِ أولِي الفضلِ النجباءِ، أمَّا بعدُ عبادَ الله، فإنِّي أُوصيكُم ونفسِيَ بتقوَى اللهِ القديرِ القائِلِ فِي سورةِ محمدٍ: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾.

عباد الله إنّ اللهُ سُبْحانَهُ وتَعالى قَدَّمَ في هَذِهِ الآيَةِ الأَمْرَ بِمَعْرِفَةِ التَّوْحِيدِ عَلَى الأَمْرِ بِالاِسْتِغْفارِ لِتَعَلُّقِ التَّوْحِيدِ بِعِلْمِ الأُصُولِ وتَعَلُّقِ الاسْتِغْفارِ بِعِلْمِ الفُرُوعِ، لذلكَ قالَ الشافعيُّ رضيَ اللهُ عنهُ: «أَحْكَمْنَا ذَاكَ قبلَ هذَا» أَيْ علمَ التوحِيدِ قبلَ فُرُوعِ الفِقْهِ. وإنَّمَا سُمِّيَ علمَ التوحيدِ لأَشْهَرِ مَبَاحِثِهِ وهو توحيدُهُ تباركَ وتعالى في الذاتِ والصّفاتِ والأفعالِ وعدمُ مشابَهَتِهِ لشىءٍ من مخلوقاتِه.

أَيُّها الأَحِبَّةُ عِلْمُ التَّوْحِيدِ لَهُ شَرَفٌ عَلى غَيْرِهِ مِنَ العُلومِ لِكَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِأَشْرَفِ الْمَعْلُوماتِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَعْرِفَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ على ما يَلِيقُ بِهِ فَالتَّوْحِيدُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ هُوَ نَفْيُ التَّشْبِيهِ والتَّعْطِيلِ كَما ذَكَرَ الحافظ ابْنُ حَجَرٍ في شَرْحِهِ عَلى البُخارِيِّ فَهُوَ مَبْنِيٌّ على إِثْباتِ ما يَجِبُ لِلَّهِ مِنَ الصِّفاتِ كَالعِلْمِ وَالقُدْرَةِ وَالإِرادَةِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ أَيْ مَعَ تَنْزِيهِ اللهِ عَنْ مُشابَهَةِ الْمَخْلُوقِينَ وَهَذا مَأْخوذٌ مِنَ القُرْءانِ الكَرِيمِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾.

عبادَ اللهِ: حثَّ الشرعُ الحنيفُ علَى الازديادِ مِنَ العلومِ النافعةِ للمسلمينَ ولَا سيَّمَا مِنْ علمِ الدينِ فَبِهِ رُقِيُّ الأممِ ورِفْعَتُهَا عبرَ الزمنِ وبِهِ العزةُ للمسلمينَ ويدُلُّ علَى ذلكَ مَا جاءَ فِي كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ حيثُ يقولُ سبحانَه فِي سورةِ طَه: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِيْ عِلْمًا﴾ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ نَبِيَّهُ ﷺ بِطَلَبِ الازْدِيَادِ مِنْ شَىءٍ إِلَّا مِنَ العِلْمِ، ويدلُّ علَى ذلكَ أيضًا أنَّ أولَ مَا نزلَ علَى نبيِّنَا ﷺ مِنَ القرآنِ الكريمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ أَيِ اذْكُرِ اسْمَهُ تَعَالَى مُسْتَفْتِحًا بِهِ قِرَاءَتَكَ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ كلَّ شىءٍ وأبرَزَهُ مِنَ العدمِ إلَى الوجودِ. وقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فيمَا رواهُ الترمذيُّ: “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمسُ فِيِه عِلْمًا سَهَّلَ الله لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ” وكيفَ لا يكونُ العلمُ بهذهِ المنزلةِ وهوَ النورُ الذِي يستَضِيءُ بهِ العبدُ فيعرفُ بهِ ربَّهُ عزَّ وجلَّ وكيفَ يعبُدُه سبحانَه فيزيدُ إيمانُهُ وتقواهُ. إخوة الإيمانِ: إِنَّ مِنْ تكريمِ اللهِ سبحانَه وتعالَى لأمةِ الإسلامِ أَنَّ القرآنَ الكريمَ هوَ المعجزةُ الباقيةُ بَيْنَنَا وَلِمَنْ يأتِي بعدَنَا بإذنِ اللهِ تعالَى، فَبِهِ رفعَ اللهُ تعالَى قَدْرَ هذهِ الأمةِ، وزَكَّى قلُوبَهَا، وفَتَحَ عُقُولَهَا، ونَقَلَهَا مِنْ ظلُمَاتِ الجهلِ إلَى نورِ العلمِ، قَالَ تعالَى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ فَفَتَحَتْ أُمَّتُنَا القلوبَ والعقولَ ولَا زالَتْ أُمَّتُنَا قادرةً علَى متابعةِ سيرةِ نبيِّهَا ﷺ، والالتزامِ بهديِهِ ونهجِهِ والمحافظةِ علَى إرثِهِ وَهُوَ علمُ الدينِ، وإنَّ كتابَ اللهِ يحثُّنا علَى العلمِ، هذَا الكتابُ الذِي أوصانَا الشرعُ الحنيُف بأنْ نكثرَ مِنْ تَعَلُّمِهِ وقِرَاءَتِهِ علَى علمٍ قَالَ ﷺ: “يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا” رواهُ أبو داودَ. نسألُ اللهَ تعالَى أنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا وَأَنْ يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا، أقولُ قوليَ هذَا وأستغفرُ اللهَ لي ولكمْ فيَا فوزَ المستغفرين…

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ لهُ النعمةُ وله والفضلُ وله الثناءُ الحَسَنُ والصلاةُ والسلامُ على سيدنَا محمدٍ سيدِ البشرِ، عبادَ اللهِ اتقوا اللهَ وأطيعوهُ. عِبَادَ اللهِ إِنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيْمٍ قَدْ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ الكَرِيمِ فَقَالَ: {إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلونَ على النبيِّ يا أيُّهَا الذينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَليهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} لبيكَ اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ في العالمينَ إنكَ حميدٌ مجيدٌ. اللهمّ اغفر للمسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأموات، اللهم ارفعِ البلاءَ والأمراضَ عنِ المسلمينَ، وَفَرِّجْ عَنَّا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ، اللهم فَرِّجِ الكَرْبَ عَنِ الأَقْصَى يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ، اللهم اجعلْ هذا البلدَ آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمينَ، عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى وينهى عنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظكُمْ لعلكم تذكرونَ وأقمِ الصلاةَ.

الأمانة والصدق

الحمدُ للهِ اللطيفِ الرحمنِ، الذي جَعَلَ الأمانةَ والصدقَ مِنَ الأمورِ الحِسَانِ، المُوصِلانِ إلى العملِ الصالحِ والفوزِ بالجِنَانِ، وأشهدُ…

ربما يعجبك أيضا

Total
0
Share
ابدأ المحادثة
1
Scan the code
مرحبًا 👋
كيف يمكننا مساعدتك؟