التقارير

موائد الرحمن في وسط البلد.. كل الطعام لله

تشتهر موائد الرحمن في وسط البلد بتقديم الوجبات الجاهزة.. وبعضها تقوم بتوصيلها إلى مقار المؤسسات والشركات..

لأنها المقر المركزي للحكومة والمحور المروري الأبرز بالعاصمة، يفد إلى وسط البلد يوميا الآلاف لقضاء مصالحهم، أو الذهاب لعيادات كبار الأطباء الكبار ومعامل التحاليل، أو حتى المارين بها في طريقهم إلى مناطق أخرى، فإن موائد الرحمن في «القاهرة الخديوية» هي ملاذ من تقطعت بهم السُبل قبل موعد الإفطار وليس الفقراء والمحتاجين فقط.

السفرجية يعدون القهوة لضيوف الملك فاروق على مأدبة الإفطار في رمضان. تصوير: رياض شحاتة / المصدر: مكتبة الاسكندرية
السفرجية يعدون القهوة لضيوف الملك فاروق على مأدبة الإفطار في رمضان. تصوير: رياض شحاتة / المصدر: مكتبة الاسكندرية

غير أن الفئة الأبرز من رواد موائد الرحمن بوسط البلد، فهم العاملون بالمنطقة، بداية من «السيّاس» مرورًا بأفراد الأمن الخاص وصولا إلى الموظفين الذين تضطرهم الظروف إلى البقاء في أعمالهم إلى ما بعد الإفطار، ولذلك تشتهر موائد الرحمن في وسط البلد بتقديم الوجبات الجاهزة، وبعضها تقوم بتوصيلها إلى مقار المؤسسات والشركات.

خريطة موائد الرحمن في وسط البلد 2018

تاريخ موائد الرحمن في وسط البلد

صورة للملك فاروق على غلاق مجلة الإثنين و الدنيا، أثناء تناوله الإفطار عام 1942 ، وكتبت المجلة أسفل الصورة
صورة للملك فاروق على غلاق مجلة الإثنين و الدنيا، أثناء تناوله الإفطار عام 1942 ، وكتبت المجلة أسفل الصورة ” الملك فاروق يتناول الخشاف من أقرب الموائد ايذانا ببدء الافطار بعد أذان المغرب، ونرى حول الملك فاروق حسنين باشا رئيس الديوان الملكي و الدكتور حسين حسني بك مساعد السكرتير الخاص بالملك فاروق و اسماعيل بك تيمور الامين الاول “.

وقبل حركة الضباط في 52، كانت موائد الرحمن في وسط البلد حكرًا على الملك فاروق، الذي كان يقيم مأدبة هائلة في ساحة قصر عابدين يفتتحها بنفسه يوميًا مع أشهر قراء القرآن الكريم، ويستضيف فيها كبار المسؤولين بالقصر والوزراء ونجوم المجتمع من الباشاوات وأيضًا الفقراء وأبناء السبيل، وفي عام ١٩٦٧ أعاد بنك ناصر إحياء موائد الرحمن بإقامتها من أموال الزكاة بعد غيابها لسنوات.

بعض الموائد تُقام منذ أكثر من ٢٥ عاما، وأشهرها الموائد التى تنظمها عائلة «زينهم» التي يعمل أفرادها بتجارة التحف والأنتيكات بشارع هدى شعراوي، مثل مائدة الحاج حسن زينهم، ومائدة الحاج علي زينهم اللتين تقاما بجوار سور بطريركية الأرمن الكاثوليك بشارع صبري أبو علم. وهناك أيضا مائدتا «جراج الساحة» إحداهما يقيمها الأخوان الحاج فؤاد والحاج محمد عبد النعيم عند الجراج المطل على شارع علوي، والثانية عند مدخل شارع مظلوم ويقيمها الحاج محمد عبد العزيز مالك أرض الجراج.

وغابت منذ العام الماضي موائد شهيرة في وسط البلد، مثل المائدة التي كان يقيمها الحاج خالد بشارع الشيخ معروف، وتوقفت لوفاة بعض التجار الذين كانوا يشاركون فى تنظيمها، وفقا لأحد العاملين بمحل “حاتي أبو خالد”. كما تتنوع موائد وسط البلد من حيث عدد الأفراد بين ١٥٠ فردًا وحتى ٥٠٠ فرد مثل مائدة الحاج غريب بسوق التوفيقية.

طباخ المائدة.. كل يوم طاجن

احد موائد الرحمن – تصوير: صديق البخشونجي

يعمل أحمد مزروع طباخا لموائد الرحمن منذ عام ٢٠٠٦. يأتي من محل سكنه بمدينة طنطا يوميًا ليبدأ مهمته في التاسعة صباحا بمائدة «الساحة» بشارع مظلوم.

عن عمله اليومي يقول مزروع: «في الصباح وبعد أن تأتي الذبائح من مزرعة الحاج محمد صاحب المائدة، أقوم بغسلها جيداً وسلقها وإعدادها في طواجن، وفي كل يوم أقدم طاجن خضار مختلفا.. مرة بطاطس ومرة كوسة وهكذا»، ويضيف: «أقوم بإعداد نحو ٣٠٠ وجبة يوميا، تستهلك من ٦٠ إلى ١٠٠ كيلو لحم، وإذا تأخر وصول الذبيحة أقوم بإعداد الدجاج بمتوسط ٤٠ دجاجة”.

اثناء إعداد الطعام بإحدى موائد الرحمن - تصوير: صديق البخشونجي
اثناء إعداد الطعام بإحدى موائد الرحمن – تصوير: صديق البخشونجي

الحاج زينهم.. الأجر في الدعاء

من أقدم موائد الرحمن بوسط البلد، مائدة «عائلة زينهم» بشارع هدى شعراوي، ويقول الحاج نصر زينهم أحد أبناء العائلة إن أول من أقام مائدة لضيوف الرحمن كان جده الحاج حسن زينهم عام ١٩٩٦ وبعد وفاته ظل أبناؤه وأحفاده يقيمون الموائد من بعده.

ويضيف:«يتم التحضير للمائدة من مساء اليوم الأول من شهر رمضان، ثم تقام بداية من اليوم الثاني أمام وكالة أنباء الشرق الأوسط، وتتكون الوجبات من خضار وأرز ولحوم وفواكه بالإضافة إلى العصائر».

وأكد الحاج نصر زينهم أن زيادة الأسعار بصورة كبيرة خصوصا أسعار اللحوم لن تمنعهم من إقامة الموائد، فإقامة المائدة «عمل خير» والأجر في دعاء الصائم.

الطعام في «مظلوم» والذبائح من “قطور”

منذ عام ١٩٩٨ يقيم الحاج محمد عبد العزيز مائدة لضيوف الرحمن داخل جراج «الساحة» بشارع مظلوم، ويشرف عليها محمد حسين المسؤول أيضا عن إدارة الجراج. يبدأ تجهيز المائدة كما يقول حسين مساء اليوم السابق لإقامتها، حيث تذبح العجول البلدي في مزرعة الحاج محمد عبد العزيز بقطور بمحافظة الغربية ثم تُنقل إلى الجراج، ويتولى ثلاثة طباخين طهي الوجبات، ويضيف حسين: «لا نقدم الدواجن إلا في حالة تأخر وصول الذبيحة، ثم تفرش المائدة قبل الإفطار بنصف الساعة، وبنسبة كبيرة جداً نعتمد على توزيع الوجبات الجاهزة «تيك أواى» فهناك موظفون ينتهون من عملهم قبل الإفطار بساعتين مثلاً”.

الوسوم

تعليق واحد

  1. تنبيه: Google
إغلاق
إغلاق