هيرمس
شايل جيل
بعد عامين من التوقف موائد الرحمن عادت .. تزين الشوارع

ضيوفها من الفقراء والأسر محدودة الدخل وعابري السبيل

القائمون علي الموائد : سعادتنا تفوق سعادة ضيوف الرحمن

وسط أجواء رمضانية مبهجة عادت من جديد موائد الرحمن وطوقتها السرادقات لإطعام الصائمين لتزين الشوارع ويفرح بها القائمون علي تجهيزها أكثر من فرحة ضيوفها لأنها كما قالوا: "من أجمل أبواب المتاجرة مع الله".


فامتدت من جديد الموائد بعد عامين من الانقطاع بسسب جائحة كورونا وعادت أجمل أشكال التكافل الإجتماعي وسط غلاء الأسعار والارتفاع لأسعار السلع الأساسية والخضروات واللحوم "الجمهورية أون لاين" التقت بعدد من القائمين علي تجهيز موائد ضيوف الرحمن وسجلت الفرحة علي وجووههم بعودة الموائد والذين عبروا عن سعادتهم التي وصفوها بأنها لاتضاهييها سعادة وهم يشاركون في إفطار صائم حتي لو أجلوا فطارهم لبعد الانتهاء من المائدة.

محمد القاضي صاحب صالون حلاقة بمنطقة عابدين بالقاهرة ورئيس لجنة الزكاة بمسجد السلطان شاه قال: فرحة مابعدها فرحة بعودة الموائد لإطعام الصائمين لا يعلمها إلا من ذاق حلاوتها فخلال سنوات منعها بسبب فيروس كورونا. كنا نعد طعام الإفطار ونوزعه في وجبات علي مرتادي المائدة المعتادين الجلوس علي مائدتنا منذ عام 2009. ولكن كنا نفتقد شعور جميل وهو النظر إلي المائدة وعليها ضيوف الرحمن. وبعودتها من جديد عادت هذه اللحظات الجميلة. وتابع "القاضي" أنا و7 أشخاص آخرون نشرف علي تجهيز الطعام ونبدأ من الساعة 12 ظهرا ولا نفطر إلا بعد الانتهاء من إطعام جميع الصائمين الحاضرين علي المائدة. يقوم أحد الخيرين ويدعي المهندس إسلام نصر بالتكفل بمصاريف المائدة بنسبة 90% والباقي مساهمات من فاعلين خير. نجهز طعام يكفي 1000 شخص ويزيد وتمتد المائدة لـ500 فرد ونوزع علي الأرامل والمطلقات في بيوتهم مايزيد عن 500 وجبة حسب عدد أفراد الأسرة. ويحرص المهندس إسلام علي متابعة توافر احتياجات المائدة التي يوفرها بكميات كبيرة داخل مخزن المائدة ويعاود تزويده كلما نقصت.

ويشرف علي مخزن وثلاجات مائدة ضيوف الرحمن عم عبد العال 64 سنة. الذي قال: عمري كله قضيته في إطعام ضيوف الرحمن متعة غريبة وإحساس بالفرحة لا أشعر به إلا في شهر رمضان. أستلم البضاعة من الخضروات واللحوم والفاكهة والعصائر من الموردين الذين نتعامل معاهم منذ سنوات طويلة. وتقوم بتسليمها إلي الشيف الطباخ الرئيسي المسئول عن تجهيز الطعام. ثم أقوم بجرد ما تبقي في المخزن والثلاجات وعمل كشف بهم للمهندس إسلام. ليتم علي الفور تدبيرها وتظل الثلاجات عامرة باللحوم والدواجن لمدة أسبوع زيادة ولا تتعطل المائدة في أي يوم بسبب نقص بعض احتياجاتها ودائما نمدها قبل دقائق من مدفع الافطار ليأكل الصائمين في وقت الأذان وأشعر وقتها أني قد شبعت رغم أني لم أشق صيامي حتي ولو بتمرة ففرحة إفطارهم تشبعني.

أنواع طازجة

وأما زينب فايد الشهيرة بأم دعاء فهي المسئولة عن تنظيم جلوس السيدات من ضيوف المائدة قالت: أنا دوري تنظيم السيدات ووضع كراسي لهم في خيمة مقابلة لخيمة الرجال حتي يتناولوا طعام الإفطار علي راحتهم دون خجل وأشرف علي توزيع العصائر والمياة عليهم وإذا طلب أحدهن المزيد من الطعام أطلب من الشيف سرفيس إضافي. والكل يأكل حتي يشبع ولا نلتزم بمعيار معين من الطعام لكل فرد. فمن يريد المزيد نعطيه لأن "خير ربنا كتير". فنطهي في اليوم أكثر من 200 فرخة و30 كيلو لحوم وكلها لحوم بلدية وفراخ طازجة وليست مجمدة. حتي العصائر نحرص أنها تكون مفيدة وصحية مثل البرتقال والتمر والسوبيا. وأما التمر البودر لا نقدمه لأنه مضر بالصحة.

أسعد وقت

وها هو أحد المتطوعين لتجهيز المائدة "مصطفي السيد صاحب محل أدوات رياضية". يقول: بقالي سنين بساعد في كل حاجة تخص المائدة حتي التنظيف. وأي حاجة لله أنا بحبها وبأجل شغلي لبعد الفطار واشارك في إعداد المائدة وتجهيزها لضيوف الرحمن. أسعد وقت بحسه في أخر نص ساعة والناس جاية تتجمع علي المائدة والأكل جاهز أمامهم ياكلوا ويشبعوا ويحمدوا ربنا ويسمعونا أحلي الدعوات اللي تساوي الدنيا ومافيها. خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وجشع التجار.

وأما مازن محمد أصغر المتطوعين لفرش المائدة يبلغ من العمر 13 سنة قال: بحب أشارك في تجهيز المائدة هي بجانب بيتي بنزل من بدري قبل الفطار واساعد في رص العصائر والمياة والخبز وأناول الصائمين ما يريدون من زيادة ولا اتناول الأفطار إلا بعد انتهاء المائدة شعور جميل أشعر به وحريص يوميا علي التواجد كما تعلمت من والدي حب فعل الخير وكنت أصاحبه منذ الصغر حين ينزل ويقوم بإطعام الصائمين.

ط عام دليفري

وداخل مائدة رحمن أخري بشارع البستان بالقاهرة. كان يتواجد الحج مسعد الشهير بمسعد كبدة صاحب أشهر محلات الكبدة بوسط البلد. والذي قال : 13 سنة في خدمة ضيوف الرحمن علي الموائد. الفضل لله في مد المائدة لكل هذه السنوات. وقت جائحة كورنا كنت أشعر الحزن رغم توزيع طعام الإفطار دليفري علي الصائمين لكن شهر رمضان هذا العام له طعم أخر بعودة الموائد. لا نشعر معها بأي تعب جسماني أو إرهاق مادي. أقوم أنا أشقائي ونجل عمي الدكتور هاظي سالوت بالتكفل بها منذ سنوات وقبلنا كانت عادة عمي الحاج محمد سالوت. في البداية كانت المائدة صغيرة 5 كيلو لحمة اليوم وصلنا لـ30 كيلو و50فرخة. إفطار الصائمين باب جميل للمتاجرة مع الله. واللي بيجي يعود علي المائدة مالوش شروط. شكله بسيط ولا شكله بيك . المائدة ممدودة لكل ضيوف الرحمن. الأسعار الغالية أجبرت بعض الأسر النزول إما للجلوس علي المائدة أو إحضار "أواني وحلل" نغرف لهم فيها بفرحة وبعضهم من يتعفف نذهب حتي بابهم بالطعام والعصائر وكل ما يوضع علي المائدة. شغل مائدة شهر رمضان ربنا بيفتح علينا بسببه باقي شهور السنة اللهم يدمها نعمة عشان كدة فرحتنا برجوع الموائد لا تقدر. ويشرف معنا علي تجهيز المائدة 5 من الشيفات والعمال ممن يعملون في محلات الكبدة الخاصة بنا ويقبلون علي تحضير الطعام بكل حب دون أي أجر منهم الشيف أمير عاطف.

الشيف أمير عاطف جلس ممسك بسكينه ويقطع البصل الدموع تسيل من عينيه ووجهه ترتسم عليه علامات السعاده وفمه يبتسم ويقول : العين بتعيط بس قلبي فرحان وسعيد خدمة ضيوف الرحمن. بتولد عندي شعور لا يوصف بالسعادة والرضا. منذ 12 عاماً وأنا في خدمة الصائمين كميات كبيرة من البصل أخرطها ولا أعبء بأي ألم من حرقة البصل في العيون. مسئولية تجهيز 400 وجبة عدد كراسي المائدة تجعلني أنجز عملي بسرعة وبحب. كنت حزين وقت منع الموائد وبعودتها عاد الخير وعادت البركة .

مسعد أحمد أحد الشيفات المسئولين عن تجهيز مائدة البستان. قال : أنا شيف في مطعم وهنا مسئول عن طبخ الفراخ واللحمة. ومثل ما أجهزها في بيتي أجهزها للصائمين علي المائدة. فأقوم بغسلها جيدا وشطفها بمياه وملح وليمون. ثم أقوم بتتبيلها وتسويتها سواء لوحدها أو مع الخضار. إذا كان بطاطس أو كوسة. أو فاصوليا. نقدم اللحوم والفراخ والأرز والخضار كل يوم نوع. والعصائر المختلفة والفاكهة. ونبدأ في رص المائدة مع الشيفات المسئولة ومع المتطوعين من المحلات المجاورة ومع أذان المغرب يكون جميع الوجبات موضوعة علي المائدة أمام الصائمين من ضيوف الرحمن ويفرحون بالأفطار ونفرح نحن بسماع أجمل الدعوات.





يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق