ما هي أول سورة نزلت في القرآن الكريم؟

في عالم القرآن الكريم، يتجسد الهدى والإرشاد للمسلمين في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك يبقى السؤال الذي يتردد في أذهان الكثيرين وتهتز على إثره محركات البحث، نجد موضوع أول سورة نزلت في القرآن الكريم، يبحث يحاول الجميع التوصل إلى جواب محدد في ظل استمرار جمهور العلماء في الاختلاف، لذلك سنحاول في هذا المقال أن نجيب عن تساؤل أول سورة نزلت في القرآن الكريم.

أول سورة نزلت في القرآن الكريم

حدث اختلاف بين العلماء في تحديد أول سورة من سور القرآن التي نزِلَت كاملة، فقد ذكر بعضهم أن أول سورة نزلت هي سورة المدثر، وقد أيده الحافظ السيوطي في كتابه الإتقان، بعدما حاول توفيق الروايات المختلفة بشأن نزول سورة العلق أولا، وقد أشار إلى أن سورة المدثر نزلت كاملة قبل نزول سورة العلق.

ومن وجهة نظر أخرى، فيقال أن أول سورة نزلت كاملة في القرآن الكريم هي سورة الفاتحة، حيث يستدل البعض بهذا القول على رواية الطبراني عن أبي ميسرة، حيث يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهرب عندما يسمع الصوت، حيث ذكر أن الملك نزل عليه وأوحى إليه قوله: “قل: الحمد لله رب العالمين”، ويُعتبر هذا الحديث منقطع السند.

ومن الآراء المعتمدة أيضا، أن تكون الآية “اقرأ باسم ربك”، وبالتالي فيقال بأن هذه هي أول ما نزل من الآيات، وتليها في القوة آية “يا أيها المدثر”، وأول ما نزل من السور كانت سورة الفاتحة.

بالتالي، يشير الاختلاف بين هذه الآراء إلى ثلاث سور، وهي العلق والمدثر والفاتحة، وعلى الرغم من ذلك، فيميل معظم أهل العلم إلى أن العلق لم تنزل كاملة، ويبقى الاختلاف الحقيقي بين سورة المدثر وسورة الفاتحة، والرأي الأكثر قوة هو أن سورة المدثر هي أول سورة نزلت كاملة، وهذا ما أيده السيوطي كما ذكرنا سابقًا.

سورة العلق هي أول سورة في القرآن الكريم

أظهرت دراسة علمية أن الآيات الخمس الأولى من سورة العلق، التي تبدأ بعبارة “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ”، تعتبر أول ما نزل من القرآن، وليست السورة كاملة، حيث أن بقية سورة العلق، التي تتألف من 14 آية، نزلت بعد مرور ثلاث سنوات أو أكثر من نزول الخمس آيات الأولى.

الآيات الخمس الأولى التي نزلت من القرآن كانت تتحدث عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وتأمره بالقراءة، حيث تتضمن هذه الآيات: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”.

أما الآيات من السادسة إلى التاسعة عشرة من سورة العلق، فقد نزلت بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على نزول الآيات الخمس الأولى، وذلك في فترة تعرض فيها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم للمضايقات في مكة.

وتتضمن هذه الآيات: “كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَه سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ”.

كيفية نزول القرآن الكريم

نزل القرآن الكريم على ثلاث مراحل متتالية، ففي المرحلة الأولى، نزلت جملة واحدة من القرآن المجيد إلى اللوح المحفوظ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: “بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ”، حيث أن الطريقة التي نزل بها القرآن إلى اللوح المحفوظ ليست معروفة إلا لله تعالى ولأولئك الذين أذن لهم بمعرفة هذا الأمر.

في المرحلة الثانية، نزل القرآن إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وذلك في ليلة القدر، كما يشير إليه قوله تعالى: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”.

أما المرحلة الثالثة، فكان القرآن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم على مدى ثلاث وعشرين عامًا، وكان ينزل بتقسيم وتدريج عن طريق جبريل، أمين الوحي عليه السلام.

وبدأت عملية التنزيل مع بعثة النبي واستمرت حتى وفاته صلى الله عليه وسلم، حيث يشير إلى ذلك قوله تعالى: “وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ”.

كان لتنزيل القرآن الكريم على مدار هذه الفترة الطويلة العديد من الحكم والأهداف، أحد هذه الحكم هي مسايرة القرآن للأحداث والتطورات التي تحدث في المجتمع والعالم، بمعنى آخر، كان القرآن ينزل بما يتناسب مع الظروف والتحديات التي كانت تواجهها الأمة المسلمة في ذلك الزمان.

كما أن تنزيل القرآن على مدار هذه الفترة كان يخدم أهدافًا عديدة، منها توعية وإرشاد الناس، وبيان الحقائق الدينية والأخلاقية، وتوجيه المسلمين في شؤون الحياة، كما كان القرآن يحمل رسالة تبشيرية للمؤمنين وتحذيرية للكافرين، وكان يدعو إلى العبادة الصحيحة والتقوى والعدل والمحبة والتسامح.

وبالإضافة إلى ذلك، كان نزول القرآن على مدار هذه الفترة يمكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم من التفاعل المباشر مع النصوص القرآنية وتبليغها للناس، حيث أنها أتاحت للمسلمين والأجيال اللاحقة فهم ودراسة وتطبيق تعاليم القرآن في حياتهم.

إن نزول القرآن على ثلاث مراحل يعكس بصورة جلية حكمة الله في تدبيره للأمور وتقديم الرسالة الإلهية بطريقة تناسب الزمان والمكان واحتياجات البشرية، فمن خلال هذه المراحل، أصبح القرآن الكريم كتابًا متكاملًا وشاملاً يحوي توجيهات الله وتعاليمه للبشرية في كل الأزمان والأماكن.

فضل قراءة القرآن الكريم يوميا

تساعد القراءة اليومية للقرآن الكريم في تفعيل قوة الذاكرة لدى المسلم، ويتجسد ذلك في ترتيبه وتنظيمه لآيات القرآن الكريم في ذهنه، حيث يحفظها ويتدبر معانيها بتأمل عميق.

تلاوة القرآن الكريم وحفظ آياته تجلب الطمأنينة لقلب المسلم، فيعيش بسكينة واطمئنان بفضلها، ويستطيع من خلالها مواجهة التحديات التي تواجهه في الحياة، فقد وعد الله المؤمنين بأن قلوبهم ستطمئن بذكر الله في القرآن.

الاستمرار في ترديد آيات القرآن وتعظيمها يجلب الفرح والسعادة للمسلم، فهو يعكس تعلقه بخالقه ويعمل على تعزيزه.

قراءة القرآن الكريم يمنح المسلم شعورا بالشجاعة والقوة النفسية، وتساعده على التخلص من الخوف والحزن والتوتر والقلق.

تعزز قراءة القرآن الكريم قوة المسلم في اللغة، فهو يعيش مع بلاغة وبيان عذب ولغة قوية في آيات القرآن، مما يعزز لغته ويثري مفرداته، وخاصة إذا كان يتدبر معاني القرآن بتأمل.

تؤدي قراءة القرآن الكريم يوميا إلى تنظيم وتعزيز علاقاته مع الآخرين، فنور القرآن يتجلى في سلوكه وأفعاله، مما يجعله محبوبًا ومشجعًا للناس لبناء علاقات تواصلية معه.

التزام المسلم بتلاوة القرآن الكريم وحفظ آياته، يمكن أن يساهم في التخلص من الأمراض المزمنة، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن استمرارية تلاوة القرآن والاستماع إلى آياته يقوي جهاز المناعة لدى الإنسان ويساعده على مقاومة الكثير من الأمراض المزمنة.

ترتفع قدرة الإنسان الإدراكية في مجال الفهم والاستيعاب من خلال تفاعله المستمر مع كتاب الله، فالمسلم الذي يحافظ على علاقته مع القرآن يبحث ويتأمل في معانيه، ويستفيد من تفاسيره المختلفة، مما يوسع مداركه ويغنيه بمفاهيم جديدة من القرآن العظيم.

وبفضل تلاوة القرآن الكريم وحفظه، يمكن للمسلم أن ينال رضى الله وتوفيقه في شؤون الدنيا، فهو يجد بركة في رزقه ويتحقق له النجاة من المكروهات والمحن.

وفي النهاية، يتمتع القارئ المنتظم للقرآن بالفوز بالجنة يوم القيامة، حيث يشهد القرآن عنه ويشفع في صالحه أمام الله، وذلك بسبب حبه وتلاوته لكتاب الله.

بهذه الطرق المتعددة، يتجلى أثر القرآن الكريم في حياة المسلم، حيث يعيش في صفاء الذهن، ويعزز قدراته العقلية والروحية، ويحقق السعادة والرضا الداخلي، وينعم برضا الله ومغفرته في الدنيا والآخرة.

 

اقرا ايضا:

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *