حكاية «موائد الرحمن» من عهد الرسول لـ «الألفية الجديدة»

جموع من الناس يجلسون على مائدة الرحمن فى شوارع المحروسة
جموع من الناس يجلسون على مائدة الرحمن فى شوارع المحروسة

حضر شهر رمضان لتستقبل شوارعنا من جديد موائد الرحمن التى تحتضن آلاف من البشر على مدى أيام شهر الصوم، الكل يجتمع عليها من أجل إفطار رمضانى يحمل كل معانى الإنسانية ولم تكن موائد الرحمن هى وليدة هذا الزمان ولكنها منذ عصور ماضية كانت حاضرة.

ويقول الباحث الأثرى سامح الزهار كاشفا أسرار إحياء المصريين على مر العصور لموائد الرحمن : كانت البداية الحقيقية لظهور موائد الرحمن فى عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، حين قدم إليه وفد من الطائف وهو فى المدينة، واعتنقوا الإسلام واستقروا فيها لفترة، فكان الرسول يرسل إليهم إفطارهم وسحورهم مع بلال بن رباح، واقتدى الخلفاء الراشدون بالرسول صلى الله عليه وسلم، حتى إن عمر بن الخطاب أعد داراً للضيافة يفطر فيها الصائمون لتظهر بعد ذلك فكرة موائد الرحمن حيث أقام أحمد بن طولون عام 880م أول مائدة رحمن فى مصر فى السنة الرابعة لولايته وأخبرهم ابن طولون بأن هذه المائدة ستستمر طوال أيام الشهر الكريم.
ومع مرور الزمن اختفت موائد الرحمن لتعود وتطل فى عهد الخليفة الفاطمى المعز لدين الله، حيث أقام مائدة فى شهر رمضان يفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص وكان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع أنواع الطعام لتوزع على الفقراء، وسميت «دار الفطرة»، ووصل طول بعضها إلى 175 متراً، لتتراجع بشكل تدريجى فى عصر المماليك والعثمانيات بسبب الحروب.
وفى القرن العشرين بدأت فى العودة مرة أخرى تحت رعاية حكومية لبنك ناصر الاجتماعى، الذى كان يقيم مائدة بجوار الجامع الأزهر، يفطر عليها أربعة آلاف صائم من أموال دافعى الزكاة وكانت أول مائدة رحمن قبطية، أقيمت من أجل الإفطار فى رمضان فى حى شبرا، وبالتحديد عام 1969 حين أقام القمص صليب متى ساويرس، راعى كنيسة مار جرجس، مائدة إفطار للمسلمين والمسيحيين فى شهر رمضان بميدان الأفضل بشبرا ومن هذا الوقت بدأت موائد الرحمن فى الانتشار حتى أصبحت توجد فى معظم الميادين والشوارع المصرية الآن.