«موائد الرحمن» المصرية... طقس رمضاني يواريه الغلاء

تأثرت بالأعباء الاقتصادية والتضخم

أكبر مائدة رمضانية بمحافظة الجيزة تحت مظلة «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» (التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)
أكبر مائدة رمضانية بمحافظة الجيزة تحت مظلة «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» (التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)
TT

«موائد الرحمن» المصرية... طقس رمضاني يواريه الغلاء

أكبر مائدة رمضانية بمحافظة الجيزة تحت مظلة «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» (التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)
أكبر مائدة رمضانية بمحافظة الجيزة تحت مظلة «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» (التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)

اعتاد سائقو سيارات الأجرة بمدينة قويسنا التابعة لمحافظة المنوفية (في دلتا النيل)، إقامة «مائدة رحمن» سنوية في موقف سيارات الأقاليم بالمدينة، بوصفها تقليداً رمضانياً لإفطار المسافرين الصائمين والفقراء، إلا أن هذا العام، وبفعل الغلاء، لم تظهر المائدة في مكانها المعتاد.

وقال محمد أبو العلا، أحد سائقي سيارات الأقاليم، إن «ارتفاع أسعار كافة السلع لم يمكننا هذا العام من إقامة (مائدة الرحمن) السنوية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كان جميع السائقين يشاركون في إعداد المائدة، والتكفل بمصروفاتها؛ بل والطهي أيضاً، إلا أننا هذا العام أمام الأحوال الاقتصادية تراجعنا عن إقامة المائدة، رغم أنه أمر أحزننا كثيراً»، قبل أن يضيف متأسفاً: «ما باليد حيلة».

واستقبل المصريون شهر رمضان هذا العام في ظل أعباء اقتصادية ثقيلة، بعد أن أرهق غلاء الأسعار مختلف فئات المصريين على مدار الأشهر الماضية، بالتزامن مع ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي؛ خصوصاً المواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم، والدواجن، مدفوعة بتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار (الدولار يساوي نحو 47 جنيهاً مصرياً).

وتعد «موائد الرحمن» من المظاهر المرتبطة بشهر رمضان الكريم في مصر، منذ عهد السلطان أحمد بن طولون عام 880 ميلادية؛ حيث تُستخدم بوصفها صورة من صور التضامن والتكافل، ووجهاً من وجوه الصدقات.

إلا أن ذلك الطقس الرمضاني «توارى هذا العام بفعل الغلاء»، حسبما يؤكده الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ورئيس «مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية» الذي يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن مركزه قام في عام 2018 بعمل دراسة حول الموائد الرمضانية؛ حيث تبين أنه يُنفَق عليها مليارا جنيه مصري خلال شهر رمضان، موضحاً أن المركز مستمر في دراسته هذا العام، ولكن مؤشرات الرصد تقول إن الإنفاق حالياً على تلك الموائد يتراوح ما بين 40 و55 مليون جنيه فقط، وهو رقم يدل على أن المصريين تأثروا بشكل كبير بالظروف الاقتصادية؛ حيث ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، وزيادة معدل التضخم، ومن ثم قلَّت عملية الإنفاق بشكل كبير على «موائد الرحمن».

وأظهرت بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، الأسبوع الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية قفز إلى 35.7 في المائة في فبراير (شباط) من 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني)، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات.

«قلت (موائد الرحمن) هذا العام بشكل كبير ومزعج»، قالها لـ«الشرق الأوسط»، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» في مصر، محمود العسقلاني، معللاً ذلك بالإشارة إلى أن الطبقة المتوسطة القادرة التي كانت تحرص على إقامة «موائد الرحمن» كل عام، والتي تضم مهنيين وتجاراً وغيرهم، تحولت من طبقة قادرة إلى طبقة ضعيفة، لكونهم تأثروا تأثراً كبيراً بحالة الغلاء التي تشهدها السلع والمنتجات، وبالتالي لم تعد قادرة على الإنفاق على الموائد.

عودة إلى الخبير الاقتصادي الذي يقسِّم «موائد الرحمن» إلى 3 فئات من حيث أماكن وجودها: الأولى والثانية توجدان في المناطق الأقل فقراً والمتوسطة، وهما أكثر تأثراً بشكل مباشر وكبير؛ حيث اختفت أو قلت أعداد الموائد فيها، والفئة الثالثة هي ذات الدخل المرتفع التي جاء تأثر الموائد فيها بشكل نسبي، لافتاً إلى أن هناك بعض المشاهير اعتادوا فيما سبق إقامة «موائد رحمن» بشكل سنوي، وهو ما توارى أيضاً هذا العام.

هنا، يشير رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» إلى أنه كان دائم التردد على «موائد الرحمن» في الأعوام الماضية، إذ يقوم بالنزول إليها ومشاركة زوارها، تضامناً معهم، إلا أنه يؤكد أنه لم يجد من هذه الموائد إلا القليل هذا العام؛ خصوصاً في حي مدينة نصر (أحد الأحياء الراقية شرق القاهرة)، بينما اختفت الموائد في الأحياء الشعبية، موضحاً أن قاطني هذه الأحياء استبدلوا بكثير من تلك الموائد توزيع التمور والماء والعصير في الشوارع وقت الإفطار.

ويدلل العسقلاني على حديثه بالإشارة إلى إحدى السيدات التي تقوم بالإطعام بشكل سنوي في شهر رمضان، من خلال مطبخ منزلي يخصها؛ وكانت تشتري 50 كيلوغراماً من اللحوم، إلا أنها أخبرته هذا العام أنها اكتفت بـ5 كيلوغرامات نتيجة ارتفاع أسعار اللحوم بشكل مبالغ فيه، ولكونها تريد الاستمرار في فعل الخير؛ مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هناك رجال أعمال مشهورين لا يزالون حريصين على إقامة «موائد الرحمن» التي اعتادوا إقامتها واستضافة آلاف الصائمين.

ومع تواري الموائد الشعبية، ظهرت بشكل أكثر موائد تابعة لجمعيات خيرية كبرى، مثل إقامة «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» في مصر أكبر مائدة رمضانية بمحافظة الجيزة، تتسع لنحو 7 آلاف ضيف يومياً طوال الشهر الكريم، ضمن «حملة إفطار صائم».



مصر تنفي تقارير إسرائيلية حول الاتفاق على إعادة فتح معبر رفح

معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
TT

مصر تنفي تقارير إسرائيلية حول الاتفاق على إعادة فتح معبر رفح

معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)
معبر رفح من الجانب المصري (رويترز)

نفى مصدر مصري، اليوم الخميس، تقارير إسرائيلية تفيد بأن إسرائيل ومصر اتفقتا على إعادة فتح معبر.

وأكد المصدر المصري، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية»، تمسك بلاده بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من معبر رفح كشرط لاستئناف العمل به.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، في وقت سابق اليوم، إن إسرائيل ومصر قررتا إعادة فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة. وأفادت الهيئة أنه تقرر اتخاذ هذه الخطوة بعد «ضغوط أميركية»، وفق ما نقلته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضافت الهيئة أن وزير الدفاع يوآف غالانت أكد لنظيره الأميركي لويد أوستن خلال اتصال هاتفي في وقت سابق اليوم أن بلاده لا تعارض إعادة فتح معبر رفح، لكنها لن توافق على نقل المسؤولية عنه إلى عناصر «حماس» أو أي جهة لها صلة بالحركة.

وكان معبر رفح قد أغلق مطلع الشهر الحالي بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه.

وأدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، جنوب قطاع غزة، ثم إعلان إسرائيل السيطرة على المعبر، إلى رفع التوتر بين مصر وإسرائيل، وإثارة المخاوف لدى الإدارة الأميركية من التداعيات التي يمكن أن تنجم عن هذه التوترات، خصوصاً بعد إطلاق النار عبر الحدود الذي أدى إلى مقتل جنديين مصريين.

ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن ثلاثة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن البيت الأبيض يعمل على ترتيب اجتماع ثلاثي بين مسؤولين من مصر وإسرائيل، في القاهرة، الأسبوع المقبل، لبحث تأمين معبر رفح وتأمين الحدود بين مصر وقطاع غزة.

وقال المسؤولون الأميركيون إن إحدى القضايا الرئيسية في المحادثات ستكون وضع خطة لإعادة فتح معبر رفح دون وجود عسكري إسرائيلي على الجانب الفلسطيني، ومناقشة الخطط المصرية لإعادة فتح المعبر بإشراف الأمم المتحدة وممثلين فلسطينيين من غزة غير مرتبطين بـ«حماس».

كذلك سيُناقَش تأمين المعبر ضد هجمات «حماس»، إضافةً إلى مناقشة تشكيل قوة انتقالية تتولى مسؤولية الأمن في غزة في «اليوم التالي» لتوقف الحرب.

وأوضح المسؤولون الأميركيون أن الولايات المتحدة تريد أيضاً مناقشة الادعاءات الإسرائيلية بوجود أنفاق يجري من خلالها تهريب الأسلحة على الحدود، بين مصر وغزة.